السبت، 28 أغسطس 2010

حسين حمزة: جدلية الدلالة في ريش البحر

حسين حمزة

جدلية الدلالة في ريش البحر


يشغل البحر حيّزًا نصيًّا في ديوان "ريش البحر" لشاعر سلمان مصالحة. يبرز ذلك في دفتي الديوان. يتطلب البحث عن دلالات العنوان تتبّع الدلالات المحتملة في اقتران لفظتي الريش والبحر، ومن ثم تبين العلاقة لتي تربط العنوان بمحور النص الذي أعتقد أنه يدور حول ثنائية الحضور في جدلية تتقاطع بين وجودها واغترابها، حيث ينفتح النص على دلالتين الأولى مسطحة والثانية عميقة.


تحيل دلالة الريش أولا إلى الطيران، أي إلى تجسيد الحركة، لكن الشاعر يزيح دلالة الحركة ليحول دلالة لفظة الريش إلى دلالة الكفن كغطاء يغلف الأشياء، وبمعنى آخر إلى القطب الآخر من جدلية التقابل، إلى جدلية السكون والصمت:

"لنجم أحيانًا، وحين يعود
بالذكرى إلى بابه، يلفّ
القلب باريش، وينف في من روحه" (ص 19)

امتدادا لهذه الثنائية تتقابل لفظة "النجم" مع لفظة "القلب" باعتبار النجم ممثلا للعلوي لى حين أن القلب يمثل السفلي، أو المدار الحميمي في الذات. كما إن دلالة العودة في الفعل "يعود" يدل على الرجوع إلى أصل الفعل - الذكرى - باعتيارها ماضيا في الحاضر، وحاضرا في الماضي، حيث أن كثيرا ما يعيش الماضي في الحاضر مسيطرا عليه، ومن ثم "ينفخ فيه من روحه" دلالة على لحركة والحياة بعد طقس الموت.

يكمن تنويع آخر لدلالة الريش في دلالة لمرجع أو الملجأ وهذا ما يفارق دللة الريش لكونه غلافا يحيط الجسد، قد يحميه إلا أنه يبقي القشرة الخارجية. وما يقوم به الشاعر هوتبئير الدلالة في جعل الريش أصلا ورجعا للنفس الإنسانية تستطيع أن يمنح الدفء للذات.
"ما لذي تحمله في مناقيرها؟
رحلة للجنوب هناك تردّ
إلى ريشها نفسها الصابرة" (ص 27)

يتحول الريش إلى فعل خلق وتغيير، إذ أن الشاعر يخلق في نصّه الشعري حالة يقلب فيها منطق لأشياء التي تتواشج أحيانا مع لمخزون الدلالي للثقافة العربية ولمنها تنزاح في محاولة الشاعر تقديم رؤيته حول اغتراب الذات.
"لدي الليل عند الخطايا مشاعل
فلا يترك الله عبدا له ريش طير
نما في لسانه، ولم تمتلكه
الرياح سوى في احتزانه" (ص 37)

يخاطب الشاعر الأنثى آنفا ويطلب منها أن تلد وفعل الولادة يحيل إلى الإشراق والإيجابية إلاّ أن المولود يدل على السلبية والظلام كما تتقبلها اللغة المعيارية. يأتي بعد ذلك فعل الأمر الطلبي "لدي" ثنائية تؤكد لعلاقة التي تربط الحركة الأولى من السطر الشعري "لدي الليل" وهي "عند الخطايا مشاعل؛. فالخطايا إحالة إلى السلبية أما المشاعل في إحالة إلى الإيجابية، أي النور، ونلاحظ القلب المكاني في تراتبية حركة لسطر لشعري، حيث يبدأ بفعل الولادة وينتهي بالنور/المشاعل. أي أن الليل والخطايا محصوران في الدلالة الإيجابية. هذا ما يؤكده توالي الأسطر الشعرية حيث السطر الثاني يبدأه الشاعر بلنفي لتأكيد إيجابية الفعل "فا يترك"، كما إن نمو الريش على اللسان يعتبر مزاوجة بين فعل الحركة وفعل الكلام كفعل تيير يشتركان في تثوير النص وتقاطبه من حرك الصمت إلى حركة الصوت. كذلك تنعكس هذه بين الفل الإرادي الناتج عن فعل الأمر "لدي" مقابلا للفعل غير الررادي المحال إلى المقدس.

تمتد جدلية الدلالة أيضا بين البحر والريش، حيث أن البحر حيز مكاني يرمز إلى البيئة الرحمية الحميمة في الاحتضان والولادة أما الريش فهو يحمل دلالة جنسية "بقع من ريش".
"عند الريح حكايا عن أعماق
البحر الرطبة، بللها دمع من لون
عيون الأسماك. بقع من
ريش عصافير احتقنت في خديك
المصفوعين. لا تملك تذكرة لتحلّق في
أجنحة النسر. لا تملك كنديلا
لتنشّف عرق البحر" (ص 53).

نلاحظ أن دلالة الريش تنتقل إلى الدلالة اللونية خلافا لما دلت عليه سابقا من دلالة آلية فعلية وتنعكس جدلية الدلالة بين أعماق البحر وبين فعل التحليق، أي بين العلوي والسفلي بحيث أن أسلوب النفي لا تملك تذكرة"، "ل تملك نذلا"، يؤكد انتصار الحكايا باعتبارها تاريخا وذاكرة لا يستطيع الانسان منه فكاكا. تؤكد هذه الثنائية البحر/الأعماق والتحليق/السماء أهمية البحر في النص.
"هلمّوا إلى البحر، في البحر ليل تعثر
وهبّوا ازرعوا في يديه قناديل
زيت، تغطت فروع الدوالي
قطوفا، فليلة أخضر" (ص 56)

يصبح البحر مرجعا أصيلا يشكل الليل فيه حجر عثرة لتكون قناديل الزيت معادلا موازيا لضبابية الليل، ،ذلك حتي يحوله إلى ليل أخضر زي فعل للولادة. مرة أخرى يحصر الشاعر الليل في مدارية النص بين فعل الأمر "هلموا إلى البحر" مخاطبا المجموع ليدل على الولادة وبين دللة اللون اأخضر كإحالة إلى الولادة من جديد. قد تكون هذه الولادة رغم العقبات بداية لمستقبل جديد للذاكرة الجماعية مثلما وظف ضمير الجمع، ثم تبعه بوصف الطفلة الغزية:
"الطفلة من غزة تبني أعشاشا
من ريش البحر، والواقف خلف
السور يخبئ في عينيه قلادة
كم ورق التذكار" (ص 56-57)

تتجلى دلالة الأعشاش كنتيجة لاقران لفظتي الريش والبحر حيث يرمز البحر إلى ماء الحياة أما الريش فيرمز إلى تجسيد الرغبة في الولادة ومن ثم فالعش على صغره يتحول إلى حلم طفلة زية تبنيه في حيز جغرافي صغير لتمنحه بعدا جغرافيا كبيرا كعمق البحر باعتباره عشا رحميا، بالإضافة لى أن الريش يعتبر أحد مكونات العش، وهو يعكس الأنموذج الأول للحياة. تنعكس هذه الجدلية في تقابل لفظتي لطفلة والواقف، رذ أن الطفلة ترمز إلى الغد والمستقبل لذلك فهي معرفة لتحديد المكان أما الواقف خلف السور فه نكرة ويمثل الجيل الماضي الحاضر، لا يملك إلا ورق التذكار والذاكرة. أما لفظة "قلادة" فتحيل إلى القيد ومن ثم فقد تكون الذكرى سجنا يأسر الواقف خلف السور مثلما هو مسجون خلف السور كعائق للتقدم بناء الغد. تتجلى أيضا دلية الدلالة بين الفعلين "تبني" و"يخبئ" ففعل البناء هو فعل إبراز وظهور أما فعل التخبئة فهو فعل انطوائي ذاتي، يفتقد المبادرة والجرأة في تلمس المستقبل.

تتعدد دلالة البحر أيضا عندما يصبح خالقا للشعر وموجدا له:
"في الموج أشعار طواها البحر في
الشطآن طي الفجر للنسيان حين
يفتّح القمر. في الموج أشعار بلا
شفتين كالذكرى اذا احترقت
كلون الماء، ليس يشوبه زيد" (ص 67)

فالشعر هو الجوهر كلون الماء أما الزبد فيذهب جفاء، إنه كاريش لا وزن ولا قيمة له على حين ان الذكرى التي تختزل الذاكرة الماضوية يحتفظ بها البحر كركز للخصوبة والولادة. يقابل الشاعر بين البحر وبين الصحراء في ديوانه رذ نجد ألفاظا تنتمي إلى الصحراء بمفهومها الحضاري الشامل، أي تلك التي تحيل إلى التراث العربي القديم فمنها ما يحيل إلى القرآن الكريم مثل "رياح السموم" ومنها ما يحيل إلى الشعر القديم كشعر الخنساء "قذى بعينها أم بالعين عوار" وقول المنل اليشكري "وتحبه ويحبها" إلخ... مما يجعل الديوان يتناص مع مصادر التراث العربي. لذلك نجد دلية أخرى يحتلها العنوان وصفحته الأخيرة كإحالة إلى البحر ويثبتها المتن كإحالة إلى الصحراء، مما يدل على أن ثمة صراعا بين البحر والصحراء لى محور آخر، إذ قد يرمز ريش البحر إلى الزبد أو إلى المظاهر رذ احتل العنوان وفضاء النص الخارجي، بينما تحيل الصحراء في المتن إلى جوهر تراث الشاعر، وهو يعبر عن هذه الجدلية من الصراع في نبرة تشاؤمية تؤكد اغترابه عن المكان، رذ يجعله مجهولا. وهنا تكمن التناقضية في اختلاف البحر والصحراء من جهة وفي تشابههما بالحتواء وإخفاء ومحو المعالم من جهة أخرى.
"هناك ينتحي الشاعر
جانبا. يرتدي السكينة
ينزرع في الطريق التي تفضي
إلى لا مكان. ينزع معطفه
يضرم به النار ليتدفا بالعراء
فتمر الزشجار أمامه
لا تلقي عليه تحية" (ص 15)

تستمر جدلية الفعل أو اللافعل أو جدلية الحضور في التقابل بين فعل الثبات/الصمت كما يعكسه الفعل "ينتحي" "ينزرع" الذي مثل الشاعر وبين فعل الحركة الذي مثل الأشجار، كذلك بين تضادية النار والعراء أو تضادية الصحراء والبحر.
*

نشر: أسبوعية "فصل المقال"، 10 نوفمبر 1999
***

الجمعة، 27 أغسطس 2010

مرزوق حلبي: الشعر لم يبرح أماكننا

مرزوق حلبي

الشعر لم يبرح أماكننا


لو أنّ النصوص التي تضمها مجموعة "ريش البحر" وقعت أمام ناظريّ بدون توقيع كاتبها، لعرفت هويته. فقط سلمان مصالحة قادر على مثل هذه الصياغات والأفكار والصور، وعلى مثل هذه النصوص. ويخيل إليّ أنه يكتب الشعر مثلما يحكي ويتكلم. تهكّم وسخرية ونزق وغضب ومفارقات ودهشة. وكلها تستند إلى فكرة تشكل هيكلاً تتعمشق عليه الموتيفات الباقية.


نصوص المجموعة متنوعة من حيث مواضيعها وأشكالها لكنها تعكس كلها هذا التنوع والتعدد في الألوان والأطياف وزركشة الفضاءات التي تنشئها فوق رأس المتلقّي.

الملاحظ أن النصوص تعكس الهوية المركبة للشاعر، فلسطينيته وعروبته وإنسانيته. ففي الخانة الأولى يأخذ الشاعر دور الراوي لقصة الألم والحزن والضحيوية. وفي الخانة الثانية يبدو نقديا تزقا غاضبا على قومه والموروث الجمعي وحتى على قواعد اللغة وقوانينها. وفي الخانة الثالثة يطلع علينا صديقا ومتفكرا وشموليًا تتسع مداركه حدود الكون. لكنه في كل هذه الخانات يظهر لنا مرهف الحس يلتقط الإشاراتو يرى المخفي، ويدرك المضمر ويحول كل ذلك إلى صور وإيحاءات ومقولات.

والملفت للنظر هاجس الشعر الذي يسكن النصوص وكاتبها، فنراه يحكي عن حالة الشعر وعن دوي القصيدة. فإذ بالشعر ليس حالة وجد قد تأتي أو لا تأتي كما كان الاعتقاد، وهو ليس إشراقة لمرة واحدة كل عام، بل هي حالة مستديمة، طريقة حياة اختارها الشاعر على ما يترتب عنها من جهد ومعاناة وامتيازات أيضًا.
اللغة، وهي مهنة الشاعر، لها حضور خاص في هذه المجموعة. يبدو أن الكاتب على علاقة وثيقة بها، علاقة ود وعشق وتسمح له باستخدامات غير مألوفة وبحركة حرة بين حاضرها وماضيهاو بين الجديد من صياغاتها وتشكلاتها وبين القديم منها. والشاعر هنا إثبات غير قابل للدحض على أن العلاقة الحبيّة بين الكاتب واللغة شرط أساس لولادة الشعر والصورة الشعرية والإيحاء الشعري.

نقطة الوهن في هذه المجموعة كامنة في النصوص الذاتية النرجسية للشاعر. هناك تتلعثم اللغة ويتوقف الص عن انسيابه. وكان الأجدر بالشاعر لو أبقاها خارج دفّتي المجموعة، فهي تظرف النظر وتجعلالمتلقي يتململ بغير ارتياح ومضطرا لرفع حاجبيه أو تقطيبهما أو الانتقال للصفحة التالية.
هناك جمالية تربط كخيط الحرير الذي ينظم حبات الخرز بينما تحاشر نصوص النرجسية أن تنغرز في الخيط دون جدوى. وحال قصيدة "نداء القصيدة" يشبه حال القصائد الذاتية، ففيها ألوان ابتذال الأمر الذي يجعلها على بعد سنةضوئية من النصوص الأخرى، وبالأخص من النص الذي سبقها بعنوان "وطن الشعر"، فلماذا هذا الانتقال من شامخ عال إلى خفض؟

على أيّ حال، النصوص الواردة واضحة السياق مرصعة بالأمكنة، أمكنة الشاعر وواقعه المولف من دوائر. فله سريره وغرفته وشباكه وسيچارته، والسيچارة مكان الوحيد، وكذلك القهوة العربية. وله القدس حيث يعيش منذ عقدين وأكثر، وله غزّة وله الجليل حيث ولد "بين بحيرة الجليل وبحر الروم"، وله بودابست وسطروچا، وله الصداقة مساحة، وله الغربة حالة.

الشاعر في نصوصه يعيش تحولات وتبدلات ذات ألوان إيحائية تدلنا وتؤشر على ثقافته باعتبارها الفضاء الرحب الذي يتيح السفر والحالة الشعرية، فلا شعر خارج الفضاء الثقافي. الثقافة شرط لتكوين الفضاء الشعري، فالتفعيلة لا تكفي ولا الوزن ولا القافية، وإن كانت تضيف إليه وتزينه.

"ريش البحر"، المجموعة الشعرية الرابعة لسلمان مصالحة تثبت أن الشعر لم يبرح أماكننا رغم كل المتطفلين والراغبين بصداقته عنوة والمدّعين زورا وبهتانا. ولعل من الجميل أن أنهي بما كتبه في قصيدة "وطن الشعر" في الفقرة الثالثة:

"هي كلمة حُبلى ببدء الخلق
فارتقبوا هلالاً طلّ من تشرين
سينفضّ كلّ ما كتبوا، وينفض
كلّ ما دفنوا ببطن اللّيل، وبعد
تفتّق النجمات في كفّيه، سيبحر في
مراكبه التي انطلقت بلا شطآن أو مرفأ،
وحين يعود بعد اليوم أدراجه،
فلن يلوي على أحد، ولن يلوي
على بلد، فليس لجسمه كفن
وليس لشعره وطن".
ــــــــــ

نشر في: أسبوعية "فصل المقال"، 16 يوليو 1999



الاثنين، 23 أغسطس 2010

נכבוש את העולם בלי אף ירייה

נכבוש את העולם בלי אף ירייה


מצאלחה. "כל מהותה של הומלנד היא החילוניות. לא פעמוני כנסייה, לא מואזין, לא תקיעות שופר. הדת תהיה עניין פרטי וייאסר כל ריטואל פומבי. יחול גם איסור מוחלט על מפלגות על בסיס דתי"

A Homeland of all its citizens

A Homeland of all its citizens

Poet Salman Masalha has founded a new nation, one that resembles Israel but is based on universal humanism and embraces the future, not the past.

By Lily Galili


On September 11 this year, presumably unconnected to the date's other connotation, Dr. Salman Masalha stood on the balcony of Jerusalem's King David Hotel and announced the establishment of the State of Homeland. He titled himself visionary of the state - a Druze poet, an Arab by his own definition. Most of all, he was "in place," which is also the title of his new book of poetry. As opposed to Israel, where precise identities are so important, in Homeland they will have neither place nor validity.

That, after all, is the essence of Homeland, where all of us - Jews, Arabs and others - will be "Homelanders" with equal rights and standing. The visionary, by the way, rejects outright the idea of a binational state, which he does not understand at all. But he supports diversity. "If I lived in a country where there were only Arabs, I would go out of my mind," he admits. "I don't want a boring country." Homeland certainly will not be boring. In fact, it will be everything Israel is not. A country where everyone is in place.

Not for nothing did the visionary, who writes his poems in Hebrew and Arabic, choose an English name for his country. "So there would be no burdens to start arguing over immediately," he says. "We are Homelanders, a peace-seeking people. We will go with a name everyone can identify with."

The conditions for becoming a Homelander are very simple. Everyone within the borders of the new country on the day of its establishment will be a Homelander. No Law of Return. No rights from the past, only obligations to the future. "I don't want a past in this place," the visionary says, against the backdrop of Jerusalem's Old City walls. "There is so much past we can't see the future here. Judaism and Islam both emphasize the importance of 'remembering.' We, the people of Homeland, want to forget. Not that we want to delete our private memories, but to start a shared journey from what we have now." He quotes a line from one of his poems: "Oblivion is the beginning of memory."

The visionary at first hesitates to set clear borders for Homeland. Borders always invite controversy. But then he decides a lack of borders is the essence of what is bad about Zionism, and sets them on the spot. The Galilee to the north, Jordan to the east, the Mediterranean to the west, and the desert to the south. These boundaries are flexible but sustainable.

Joining Homeland will be simple, but will carry obligations that could be considered somewhat cruel in their harshness. Even temporary absence from Homeland on the day of its establishment will automatically revoke the right to be a Homelander. Thus, Azmi Bishara's rights would be revoked immediately if he happened to be in Syria the day the state were declared. "Perhaps it suits him there better," says the visionary, who in the way of visionaries, has unbending standards. "After all, he is so impressed by the enlightened Syrian regime."

But Bishara is only an example. The people of Homeland will be very open. "We will spread our beliefs in pleasant ways," the visionary pledges. But how do you say "pleasant ways" in Arabic? "There are no pleasant ways in Arabic," he responds.

The language of the land, Homlandic, will be a combination of Hebrew and Arabic. It will be created on its own, the way of all languages not born of a decision. In any case, the visionary already perceives the two languages leaking into each other. Homeland will not have a head of government but rather a head of the people, whose powers will be very limited - confined mainly to garbage collection, paving roads and building schools. In short, "the country will be like a big municipality. It must be separate from national ethos, which will remain in the realm of the individual. That's what we'll have in Homeland."

Homeland's parliament will not be called the "Knesset," which invokes Israel's parliament, but simply "The Homeland House of the People." Masalha can already imagine the great speeches that will inaugurate it, along the lines of "Homelanders, raise up your eyes." But he immediately backtracks a bit from this pathos, for fear the rest of the sentence will be something like "a people standing tall in its land," which might sneak in from another ethos.

Poetry, not prayers

Carried away on the waves of his vision, he might be willing to establish a new temple, which in Homeland will be called "The Meeting House." Its potential connotations do not deter him, since after all this is completely secular place. The whole essence of Homeland is secular. The high priest will be a fine DJ, and prayers will be replaced by the works of poets.

Will the visionary himself be willing to serve as Homeland's national bard? Humility overtakes him momentarily, but he immediately gets his bearings and says that if urged he will consider it, and perhaps accept the movement's decree. He then refers to the epilogue of his poem: "Serving many gods is the wonder in the poet's soul. There is fire and there is water, earth and also air. But more than all of these, there is the poem."

This, for example, he says, referring to the sound of church bells carried on the wind from the Old City, will be utterly prohibited: "No church bells, no muezzin, no blowing of the shofar." In Homeland there will be complete separation of religion and state. Religion will be a totally private matter, and all public ritual will be forbidden. In keeping with the nature of the state, political parties with a religious basis will be completely prohibited. Even better would be no parties at all. The only party, whose name has not yet been decided, will be based on the platform of universal humanism. "A dictatorship of the liberals," as the visionary defines Homeland's regime, a tone of leaderly threat immediately creeping into his voice. "We are against Western democracy," he states. "It doesn't suit the East." A dictatorship of liberals is in this case the principle that under no circumstances may be compromised.

Homeland will have an army, which the visionary says is realistic. "We are not a pacifistic people. We will stand up for our right to be a free people in our land. Someone must protect our wonderful creation." To the comment that this is exactly what the Jews claim about Israel, he responds that what exists now is not a wonderful creation, since "it treats me like an enemy. Whoever treats me like an enemy - there is no reason not to treat him the same way."

But he pledges Homeland's army will have a different use. "We will not go to war; we will only protect the space in which we live. In any case we will be such an enlightened creation that everyone will simply want to join us. In the end we will conquer the whole world without firing a single shot," he says. "We will join the family of nations and in the future we will be willing to accept any person who believes in the values of universal humanism." When asked whether, at this important juncture, the visionary has not just established Israel as "a state of all its citizens," he answers in the affirmative, but adds one codicil: "A state of all its proper citizens," with a strong emphasis on "proper." "We, the people of Homeland, will be a light unto the nations," he says.

Hebrew for the Semites

Masalha is an expert in using fundamental Jewish legends in surprising ways. At the poetry festival in Metula five years ago, he took part in a session where poets were asked to read the works of other poets. Masalha went up to the dais, and without introduction, his tone serious, recited the anthem of the pre-state underground movement, the Lehi. "Unknown soldiers were we, without uniform - all drafted for life, from the rank only death will release." After the first shock, the words took on new significance, became provocative, subversive. It was as if Masalha had uprooted the familiar, gloomy belligerent legend and co-opted it for his own needs. He declared to one and all that he knew it very well, but would do with it as he pleased, with a certain amount of ridicule.

"I know what this says to people. I like pulling a 'switch' on them," he says. "I very much like this subversiveness."

Beyond his declared fondness for subversiveness, there is in this act a great love for the Hebrew language and a great demonstration of fluency. As opposed to other components of Israeliness to which Masalha feels aversion, the Hebrew language is his. Israel, according to Masalha, is the Jews. Hebrew, on the other hand, belongs to the Semitic region of which he is an inseparable part, and he feels it is his no less than the Jews'. "This is the place for Hebrew and therefore for parts of my heritage too, like the Bible, Christianity and Islam," he says. "Everything that belongs to this place, everything that was and will be, is part of me."

The decisiveness with which he speaks the language sounds almost like a kind of territorial struggle. "Language is also territory," he says. "Writing in literary Arabic is writing in an acquired language, one different than the daily language. Therefore, Arab writers wherever they may be are pan-Arabists - always living in another layer of the language, a layer to which everyone aspires and returns. In that regard I belong to them. It is Hebrew that delimits and strengthens the bond to this small place. In this sense, Hebrew serves as an anti-Zionist tool. Zionism wanted to disconnect the Palestinians from this place, but the language connects them to it. Ownership of the language is also ownership of the place. The homeland is the language, and Hebrew and Arabic are part of my homeland. Despite all the exiles in which one can live here: exile as an Arab, exile as a human being. I live in exile, but that's all right. In Jerusalem, all are in exile as they pass by history. In fact, all of Israel-Palestine is a small wayside inn."

Masalha left his birthplace, the Galilee village of Maghar, more than 30 years ago. He came to study in Jerusalem and stayed. He does not often go back to the village of his birth. He is not comfortable there. Not a great deal is left there of the landscape of his youth, which has become a concoction of concrete and asphalt. "It's no coincidence," he says. "There is a wicked policy to demolish the whole human and cultural fabric in these places." Restoration will come, of course, in Homeland.

Israeliness from abroad

Paradoxically, he found the Maghar of his childhood in a small village in Andalusia, Spain: the scenery, the paths, the houses ensconced in their memories. This was not the only time Masalha's Israeliness was defined, or even imposed on him, when he was abroad. Once it happened in Egypt when he went to a shop in downtown Cairo to buy a coat. In fluent Arabic he explained to the shopkeeper what he was looking for. "With a zipper or without?" the shopkeeper shot back in colloquial Hebrew. Masalha was shocked. "It didn't make me feel bad; I was just very surprised," he says. "Of course she thought I was Jewish, because for them 'Israeli' means 'Jewish.' That doesn't confuse me, but certainly makes me curious. Every identity is defined from the outside. For a person whose identity is clear to himself, that identity can take on any form."

But he heard the purest expression of identity from a Palestinian minister, of all people. In one of his trips abroad, after an embarrassing trek through security and a close examination of a passport heavy with hints indicating its bearer was not Jewish, Masalha met the man in the departure hall at Ben-Gurion International Airport. Masalha had long believed he was the only single-citizenship Israeli left, since all the others had already obtained an additional passport. On the spur of the moment, he approached the Palestinian minister and asked him to get him a Palestinian passport. "That's impossible," the man responded. You're an Israeli."

"I don't know if I'm Israeli," Masalha says. "If Israel does not accept me as Israeli then I am not. Israeli means Jewish, and Israeliness itself does not include me within it, in terms of public discourse. I am an Israeli in one sense - in the freedom of thought no Arab intellectual has in his own country. Jordanian, Syrian or Egyptian Arab intellectuals can express themselves freely only abroad. I can express myself here. That has created a complex relationship to the state that on the one hand segregates me but on the other hand gives me that freedom. But all in all, there is no definition for Israeliness. There is no such animal. You brought a Jewish suitcase from the Diaspora, not an Israeli one. What exactly connects Shas, [Yisrael Beiteinu's Avigdor] Lieberman and the National Religious Party other than the attempt to achieve a common creation within the Jewish tribe? Mohammed Barakeh, Jamal Zahalka and Salman Masalha were never included in this attempt."

Then he hedges his comments: There was one attempt to expand the boundaries of the tribe, he says. That happened when Yitzhak Rabin depended on an Arab bloc for a parliamentary majority. "He broke through the boundaries of the Jewish tribe, in favor of Israeliness," Masalha says. "That is why he was murdered. Rabin was murdered for family honor."

But all of this will in any case be solved in Homeland, where we will all create the new human being. Sound familiar? "It does indeed, Masalha concedes. "We are all brainwashed. In the end, instead of Homeland," he says, in a reference to Theodor Herzl's Altneuland, "we will create Alt-homeland."
***
Published: Haaretz, September 21, 2006

***
For Hebrew, press here

*

Video Installation by Ritesinstitute (2008)
(Friedemann Derschmidt and Karin Schneider)

مقابلات صحفية
  • הארץ

    מהמרפסת של מלון "המלך דוד" בירושלים הכריז המשורר סלמאן מצאלחה על ישראל אחרת, אוטופית. שמה יהיה הומלנד. הומלנדי יהיה כל מי שיימצא במרחב של המדינה החדשה ביום הקמתה…
    تتمة - more
  • الحياة

    يجب ألا يغيب عن ذهنك أن التجربة الشعرية لدينا قد بدأت من الصفر لأن المدينة الفلسطينية لم تبق ولأن الثقافة الفلسطينية لم تبق في الوطن بل خرجت ولجأت الى بلاد العرب المحيطة....

    تتمة - more

  • Jerusalem Post

    My heart is full of chambers -- not just four or five like those described in anatomy books, but an entire palace in which each open door leads to a new discovery.


دراسات
  • אחד מכאן

    ספר השירים ״אחד מכאן״, שכתב סלמאן מצאלחה, מחייב את קוראיו לחדד את הקשבתם אל השירים החודרים שבו, שכן הם דורשים חשיבה מחדש על השירה העברית, על אפשרויותיה ועל גבולותיה. تتمة - more
  • خانة فارغة



    الحنين يقتاد الشاعر أبعد من جغرافيته المادية، نحو مدارات تنتمي الى ماضٍ وإرث وذكريات. يرميه موج الزمن على شاطئ يعيده الى رمل البداية والبداوة، ويضعه في الوقت عينه في أحضان طبيعة لا تستقر…

    تتمة - more


  • ريش البحر

    الشاعر في نصوصه يعيش تحولات وتبدلات ذات ألوان إيحائية تدلنا وتؤشر على ثقافته باعتبارها الفضاء الرحب الذي يتيح السفر والحالة الشعرية، فلا شعر خارج الفضاء الثقافي...

قصائد ملحنة
  • إنكليزية




    The Song About the Child

    Boston Community Gospel Choir:
    The Song About the Child
    Text: Salman Masalha
    Composer: Stephen Feigenbaum
    ***
    More


  • عربية

    يا صاحب الدن

    كَفِّي عَلَى خَدِّي
    وَالعَيْنُ فِي الكَاسِ
    أَرْضُ النَّوَى مَهْدِي
    وَالْخَمْرُ أَنْفَاسِي


  • عبرية



    בחיפה‮, ‬מול הים


    בְּחַיְפָה, מוּל הַיָּם, רֵיחוֹת הַמֶּלַח
    עוֹלִים מִתּוֹךְ הָאֲדָמָה. וְשֶׁמֶשׁ
    הַתּוֹלָה עַל עֵץ פּוֹרֶמֶת רוּחַ.



 
مجموعات شعرية
  • بلد في الحلم



    عشق مؤجل



    אחד מכאן



  • في الثرى، في الحجر



    خانة فارغة



    مقامات شرقية



    مغناة طائر الخضّر




  • لغة أم




    ريش البحر



    كالعنكبوت بلا خيوط



كتب أخرى
  • قصص التوراة في الرسومات الإسلامية


    العقد الثمين



    العقد الثمين، في دواوين الشعراء الستّة الجاهليين



  • فهم المنطوق


    فهم المنطوق، مسائل تراثية وأبعاد راهنة

    تتمة - more


    ما نحن؟


    لقراءة الكتاب، تتمة - more


  • Six Early Arab Poets


    Six Early Arab Poets
    New Edition and Concordance




    Writing a Homeland


    Writing a Homeland
    The Bancroft Library
    The University of California, Berkeley 2019



ترجمات عبرية وعربية
  • حليب سباع

    Photo:
    روني سوميك

    أوزو وموزو من كفر كاكاروزو

    Photo:
    إفرايم سيدون

    كتاب النيمومات الكبير


    جوڤانا جوبولي وسيمونا مولاتساني

    إنهم قادمون


    سيلڤي نيمان * ألبرتين

  • ذاكرة للنسيان


    محمود درويش

    الصبار


    سحر خليفة

    شهادة


    شهادات عن الاحتلال الإسرائيلي

    حكايا الانتفاضة

    Photo:
    درور چرين